كريمة أبو العينين تكتب: اغسل قلبك
وجهت لي دعوة للمشاركة فى واحدة من الاحتفاليات المعنية بتنمية المجتمع وتسليط الضوء على مشاكله ووضع توصيات للحلول .
المكان والزمان لم يكونا هما السبب فى قبولى فقد أثرنى المحاضرين فيها بوصفهم من كريمة المجتمع الثقافى والإعلامي وأهل الدين وأصحاب الرأى والرؤية.
القاعة ممتلئة بالحضور ومعظمهم من الشباب وقلة منهم من يماثلنى عمرا أو يكبرنى بقليل أو كثير ، على المنصة يجلس ثلة ممن يشار اليهم بالبنان ويلتف حولهم الناس لالتقاط مايسمى حاليا بالسيلفى ، بدأت الندوة برجل معني بتنمية المجتمع والمساهمة فى دعم الفئات الاولى بالرعاية.
كان المتحدث يحاول بكل الطرق ان يبرهن للحضور بأنه يفعل ما يفعله لله فقط ولا يريد تسليط الضوء عليه ، وأسهب فى حديثه عن كم الشباب والشابات الذين شملهم عطفه ورعايته وضمهم الى ترسانته الاقتصادية الممتدة طولا وعرضا فى البلاد ، وفى نهاية حواره أطلق كلاما ورديا عن التفاؤل ومواجهة التحديات والتمسك بالحلم من اجل العيش فى اجواء طيبة وسعيدة.
الحوار الذى تلاه كان من مربية فاضلة تعمل في مجال التعليم، وكانت حازمة فى ملامحها ولغة حوارها ، فهى تنتقى مفرداتها وتوظفها مع الموقف وحتى مع ملامح وجهها وجسدها لتؤكد للمهتمين انها على دراية بعلم ” لغة الجسد ” .
لم تكن متفاءلة مثل من سبقها فى الحوار بل بالعكس كل حوارها كان عن الماضى وجماله واخلاق المصريين وتعاملاتهم الراقية ، وتتحسر عما وصل اليه حال الشارع والبيت والمدرسة والجامعة بل والدنيا كلها ، أنهت حوارها بالدعاء والاستجداء بالتمسك بالقيم الموروثة والبعد عن كل ماهو نفس فاسد يأتى به الغرب ووسائله المختلفة .
الحديث وصل الى رائد من رواد الميديا المعروف عنه بمحاربة المتشددين وهدم أفكارهم ودحضها بالدليل والمنهج والبحث والدراسة ، حديثه كان بطبيعة الزئبق أى يصعب عليك الامساك بنقطة واحدة تؤخذ عليه ، وفى نفس الوقت تجده يخرج من أى مساءلات بذكاء يقترب من الخبث الاجتماعى ، اختتم كلامه بأن الدنيا بخير ، والحياة مشرقة ، ولايوجد أية تخوفات من أو شىء قادم من الغرب لان الشعب واعى والاجهزة المسؤولة عن حماية المجتمع بكل ما فيه على يقظة تامة وأهبة الاستعداد.
جاء بعدها دور رجل من رجال الدين وكان حديثه سلسا مخالفا لطريقة كافة الشيوخ المتعارف عليهم فقد انتهج نهج البساطة ومزج الترغيب بالترهيب بطريقة بارعة مما جعل الحضور سعداء بما قاله وبطريقة قوله ، تزاحم الحضور فى القاء الاسئلة على المنصة ومعظمها كان هجوما والقليل منها كان اسئلة بحاجة الى ايجابيات وتوضيحات ، ومن بين الاسئلة جاءت إجابة أحد الجالسين على المنصة والتقطت منها جملة “إغسل قلبك ” وقعت الجملة على مسمعي وبدنى وقع المطر على فقير يحتمى بجدران منزل متهالك من غدر الزمان فرادته الأمطار غما على غمه وحوجة فوق حوجاته ، فقد نصح المتحدث من يسمعوه ومن سيسمعوه بأن التخلص من الام الحياة ومشاكلها والتقرب الى الله بدايته غسل القلوب وليس الوجوه والبدن ، وأكد أن القلوب يعتريها الوسخ والوهن ايضا فلابد من غسلها بالابتعاد عن الغيبة والنميمة وعدم التدخل فى شئون الآخرين ، والعيش فى تسامح وتصالح مع النفس ، وأكد أن وهن القلوب لا يقويه إلا طهارة القلب وأن يبدأ الوضوء بغسل القلب ويعقب ذلك التوجه الى محراب الصلاة بعدما غسلت القلوب وصارت نقية مخلصة خالصة من عذابات الحياة ومشاكلها .. إغسل قلبك قبل يدك لتعيش راضيا .
إغسل قلبك قبل وجهك لترى بنور البصيرة وليس البصر
إغسل قلبك قبل بدنك كى تصبح خطواتك على الارض هينة لينة وليست قاسية غليظة .
إغسل قلبك كى يكون وضوءك صحيحا وطهارتك مؤكدة .
إغسل قلبك قبل مظهرك الخارجى كى يشع نور قلبك ويغطى بدنك كله .إغسل قلبك وعش راضيا بما قسمه الله لك .
إغسل قلبك وكن على يقين بأننا فى سفر مهما طالت مسافته فمحطة الوصول قادمة قادمة لاشك فى ذلك .
إغسل قلبك فطهارة القلوب ليست مكلفة ومياه الوضوء متوفرة.